Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
كتابات

نقطة التفتيش ترحب بكم

بقلم: أحمد سالم

قبل الحرب كان الذي يريد إنشاء مشروع خاص للعمل وكسب الرزق يفتح بقالة صغيرة مثلا، لكن بعد الحرب تبدلت الاوضاع، فالذي يريد كسب الرزق لا يفتح دكانا، وانما يفتح نقطة تفتيش، كونها مشروع مغري، فهي لا تحتاج ضمار ولا تخشيبة ولا ثلاجات ولا ترخيص من البلدية ولا مجهود حربي ولا زكاة ولا جن ولا عفاريت، ولكن ما تحتاجه عشة صغيرة واثنين مطبات ولو من تراب وشعار الصرخة او علم الانفصال، بحسب مكان النقطة، وبندقية كلاشينكوف، واثنين مساعدين، وخلاص مشروع ناجح.

ستتعدد وسائل الدخل من نقطة التفتيش، فهناك المقاوتة وهناك ناقلات النفط والغاز وهناك بوابير وديانات تحمل مواد غذائية وكماليات، وكل هؤلاء سيدفعون للنقطة رغم أنوفهم، وإذا كان الوضع بورة في بعض الساعات أو بعض الايام، لن يعدم اصحاب النقطة اي حيلة لكسب الرزق (الحرام طبعا)، مثلا في راكب سمين وثيابه جديدة فهذا اكيد مغترب وعنده فلوس زي الرز، فيتم تفتيش بطاقته الشخصية وسؤاله من اين جاء واين ذاهب، ولا بد من اكتشاف اي ثغرة او مبرر لنهبه او لهبره، مثلا يتم اتهامه انه يدعم زعيط ومعيط (الطرف الآخر في الحرب)، او انه مطلوب وعليه بلاغات، واذا التهمة لا تنفع، يتم تدبير أي تهمة، مثلا لماذا عنده اذن كبيرة واذن صغيرة، او لماذا عنده رجل طويلة ورجل قصيرة، فالأمر فيه شبهة، والثاني يدافع ثم يغمز للمتهم بأن يتحركش ويدفع الحاصل مقابل تركه يواصل سفره.

لقد اصبحت نقاط التفتيش في بلادي من العادات والتقاليد الراسخة ورمز من رموز الهوية اليمنية، وصاحب نقطة التفتيش لا شك انه طرزان مكانه وزمانه، وعندما يفتح شخص ما نقطة تفتيش، او يتم تسليمه نقطة تفتيش، او يذهب للعمل في نقطة تفتيش فتحها صاحبه او قريبه، تنهال عليه التهاني والتبريكات بالعمل الجديد، ويكثر من حوله الحساد، ويبدأ الجميع بمراقبة التغيرات التي ستطرأ على حياته، بينما الامهات المساكين ومن هن على نياتهن يبدأن بالدعاء لأبنائهن العاطلين عن العمل بأن يفتح الله عليهم بنقاط تفتيش.

وتعكس نقاط التفتيش الفرز الطبقي الجديد بفعل الحرب، فالفئات المهمشة والمغضوب عليها والتي هي عديمة القيمة يتم الدفع بها للقتال في الجبهات، لكن نقاط التفتيش فإنها عادة تكون من نصيب الطبقة المحظية، الطبقة التي تستحق الزلط والهنجمة والفهنة وكل شيء حلو وعسل، فيتم منحها -عبر الجهات العليا- اهم نقاط التفتيش الاستراتيجية التي تجني الفلوس كحبات الرمل، مثل طرق شاحنات النفط والغاز والمواد الغذائية ومختلف السلع المستوردة من الخارج، بينما نقاط التفتيش المهمشة والضعيفة والتي تكون في مناطق ريفية، فهي من نصيب الطبقات المحظية من الدرجة الثانية وما بعدها.

ونظرا لاهمية نقاط التفتيش في رفد المليشيات بالفلوس والقات وبعض المنهوبات، فثمة توصيات كثيرة تطالب بفتح مزيد من الطرقات لكي يتم انشاء مزيد من نقاط التفتيش لاستيعاب ما بقي من بطالة في اوساط اقارب قادة المليشيات، وهناك من بدأ يطالب بإدراج نقاط التفتيش ضمن روافد الاقتصاد الوطني، والبعض عدها بأنها من وسائل مواجهة العدوان والمرتزقة وحفظ امن المليشيات واستقرارها.

وبما ان نقاط التفتيش اصبحت تثير الرعب، فعلى جميع الاخوة المواطنين ان يتعوذوا منها عند خروجهم من بيوتهم، واذا كانت توجد طرق بديلة بدون نقاط تفتيش فيجب السير عبرها ولو تهريب، واذا كان لا بد من المرور عبر طرق فيها نقاط تفتيش، فيجب الاستعداد لها جيدا، واذا سمع الشخص كلمة “هب له” او “أعطه حقه” عليه ان يتحركش فورا، ويخرج من جيبه الحاصل ويعطيها للشخص في النقطة الذي عيونه كبيرة، لانها هو المعني باستلام الفلوس والفهررة عليها.

زر الذهاب إلى الأعلى