
13 يناير 1986= هو يوم حزين وأسود في تاريخ اليمن نتج عنه مذبحة شنيعة في مقر الحزب الاشتراكي الحاكم في عدن ووافق يوم اثنين، وتسبب في مشاكل ومآسي ما يزال يعاني منها الجنوب والشمال على حد سواء.
وعلى الرغم من أن اليمن كله عرف مذابح قبل 13 يناير وبعدها إلا أن هذه المذبحة ظلت الأكثر شهرة وفظاعة باعتبار ان وقائعها مثلت ذروة الغدر والخيانة والعنف في بلد كان يتفاخر على أعدائه بأنه بلد التقدم والحداثة والديمقراطية في محيط من الرجعية والهمجية القبلية، وكانت الخلافات قد وصلت بين فريقين في الحزب الحاكم في عدن إلى مفترق طرق وصار كل طرف يتربص بالطرف الأخر وفشلت كل الوساطات العربية والدولية في حل الخلافات وتقريب الآراء واحتكم الجميع إلى القوة والاستناد إلى التأييد والحشد القبلي والمناطقي مع كمية من الشعارات الثورية المناسبة في مثل هذه الحالات.
وفي صباح يوم الاثنين 13 يناير 1986 قرر طرف من طرفي الصراع أن يفطر بالطرف الثاني تحت شعار نفطر به قبل ما يتغدا بنا بعد ان بلغته في الليل المتأخر معلومات من رفيق غير امين ان الطرف المناوئ قرر بدوره ان يتغذى به في اجتماع المكتب السياسي تحت شعار نتغدا به قبل ان يتعشى بنا.
وكانت النتيجة أبشع مجزرة تحدث بين أعضاء حزب مع أن التنافس كان حول الفطور أولا أو الغدا أولا. ويومها سكت وخف صوت الشعارات الثورية الطنانة فصرخ عجوز لبناني خضعي أهبل يصدق الشعارات كان يعمل في منتزه بعدن صرخ وهو يشاهد القصف العشوائي للصواريخ ودانات المدافع والدبابات والرصاص من كل نوع ( أين ماركس أين لينين) فدفع ثمن غبائه والا فقد الموت في الحرب في لبنان حيث صباح وفيروز ومزة تصبحك كل يوم (تأبرني بن عمي) أفضل من الموت في الحرب في بلاد كعدل وعطروش وشنواح وأم الصبيان تصبحك من فجر ربي (فز يا قزعي يا جعنان يا دبور شلوك الجن).
ومن سوء حظ ذلك اللبناني الهارب من الحرب الأهلية بلبنان أنه وجد نفسه في نار حرب أهلية أخرى يقتل اليمني فيها شقيقه اليمني في الحزب لأجل هدف واحد كلهم يدعيه لنفسه. وبعد أيام انتصر طرف نتغدا به اولا وانهزم طرف نفطر بهم اولا وكالعادة خرج المهزوم هاربا إلى الشمال ليلحق من سبقه من المهزومين وبقي المنتصر في الخارج إلى موعد مؤجل من حرب أهلية جديدة سيكون مصيره فيها نفس مصير السابقين.