
كان تدخل التحالف السعودي الاماراتي في اليمن مؤشرا لمرحلة جديدة من الكعبلة العربية المشتركة والالتفاف على طموحات الشعوب وتلقينها الرصاص والصواريخ والغارات الجوية اذا ما فكرت مجرد تفكير في زبط نعمة ولي الأمر والتهكم من التوجيهات العليا وعدم التقاط صور سيلفي بجانب أحجار الأساس أو التبرم أثناء الاستماع الى خطابات الزعيم الرمز الليدر المفدى الشهيد القائد صاحب الجلالة وفخامة الملك الرئيس الله يطول عمره.
وقد كان لافتا للسمع والبصر ان التحالف “تحكول” في اليمن بسبب براميل الشريجة، مما أصابه بالدوخة والدوار، ولم يعرف أين تقع مليشيات الحوثة، وماذا يحدها من الشرق والغرب والشمال والجنوب، فذهبت السعودية للبحث عن الحوثيين في محافظة المهرة، والامارات تبحث عنهم في خليج عدن وأرخبيل سقطرى.
ونظرا لأن الغريب القادم من بلاد أخرى يستعين بآخرين من أهل البلاد ليدلوه على الطريق الصحيح ليحقق هدفه، فقد شكلت كل من السعودية والامارات مليشيات انقلابية على السلطة الشرعية، لكن هذا ما يهم، فالأهم هو ان تلك المليشيات تحارب الحوثيين، ومبرر التحالف في ذلك انه ما يفل الحديد الا الحديد، وانه ما يفل المليشيات الا مليشيات، وان الجيش الوطني ما يصلح يواجه مليشيات، لأنه يتبع الإخوان، وما يصلح دعم الاخوان لينتصروا على الحوثيين ويستلموا الكاس بعد التصفيات النهائية.
المهم ان التحالف بدأ يعصد البلاد بالمليشيات، حتى زاد الماء على العجين، وصارت العصيدة رهيفة أكثر من اللازم، ومن الصعب تشكيلها الا بالمسطرة، فبدأت مسطرة التحالف تشتغل، وقسم البلاد الى منتجعات ساحلية وسجون ومعسكرات وفلل ومقابر واراضي وبيوت ومليشيات وعيدروسيات، والسلطة الشرعية أخذها الى فنادق الرياض وشقق دبي ليحافظ عليها من البرد والجوع والمخافة، وراح يوزع للشعب اليمني تصريحات وروتي وتمر وحناء وخيام وبرادات ماء سبيل ورنج على المدارس، مقابل انهم يدعو لصاحب الجلالة بطول العمر.
وبعد هذا كله ظهرت قضايا طارئة ومستجدة، والتحالف لازم يعمل بفكرة ترتيب الأولويات، خصوصا بعد ظهور تنمر شيعي-شيعي ضد عيال زايد وعيال سلمان، يضاف الى ذلك سخرية اليمنيين من الإمارات لعدم قدرتها على تحرير جزرها الثلاث التي تحتلها ايران، وعدم قدرة السعودية على هزيمة الحوثيين فكيف ستواجه إيران؟
ولهذا السبب قررت الامارات استعادة جزرها التي تحتلها ايران، فسيطرت على جزر سقطرى وميون وغيرها من الجزر اليمنية، بزعم أن تلك الجزر هي طنب الصغرى والكبرى وأبوموسى، وزعمت أن إيران دهفت تلك الجزر ودحدرتها من قرب سواحل الامارات عبر البحر بغرض تهريبها للحوثيين والاحتفاظ بها عندهم لوقت الحاجة، وان تلك الجزر ملكيتها بالفعل، بشهادة هاني بن بريك وعيدروس الزبيدي وطارق عفشولا.
وعلى هامش الحرب في اليمن، ظهرت شطحات كثيرة، ولا يستبعد أنها بدعم وتمويل إماراتي سعودي، لتحريض العالم ضد اليمنيين، أو جلبهم إلى اليمن باعتبارها أرض الأجداد والمطالبة بنصيبهم من الميراث ومشارعة اليمنيين، فهناك من قال إن إبراهيم وموسى عليهما السلام أصلهما من اليمن، وإن صنعاء هي أورشليم، وإن اليمن هي أرض الميعاد، فاعتمدت الإمارات ذلك دليلا لجلب إسرائيل إلى سقطرى والساحل الغربي للاقتراب من أرض الميعاد.
كما زاد الحديث عن أن اليمن أصل العرب، بل وأصل العالم أجمع، ليأتي الجميع بحثا عن ميراث أجدادهم، في حين ترفض السعودية وصف اليمنيين لها بالشقيقة الكبرى، وتزعم أنها الشقيق الكبير، لأن وصف الشقيقة الكبرى محاولة للاحتيال على ميراثها في اليمن من الأرض والنفط والغاز باعتبار أن للذكر مثل حظ الأنثيين.
وهكذا في نهاية المطاف تم استقدام مخابرات وجنود أجانب الى الساحل الغربي لليمن وفي سقطرى والمهرة والجزر والمياه الإقليمية اليمنية، وربما كل طرف لديه “بصائر مزورة” بنصيب أجداده في اليمن، بينما إيران تريد تحويش أراضي شمال اليمن بكله عبر الحوثيين بزعم حجزها للمهدي المنتظر، الذي يتوقع رجال دين شيعة أن يظهر في اليمن وسيكون اسمه “حسين”.
وهكذا يتسابق الجميع على نهب الأراضي اليمنية، باعتبارها موطن إبراهيم وموسى والمهدي المنتظر وأرض الميعاد وأصل العرب والعالم والجن والعفاريت الذين يسكنون بعض البيوت بعد طرد أهلها منها.