وجوه بلاستيكية
في حياتنا نحن اليمنيين عديد وجوه نراها صباحا ومساء ومن أمامنا وخلفنا وفي صحونا ونومنا وفي أحزاننا وأفراحنا وفي آلامنا وآمالنا وفي عزمنا وإحباطنا. وجوه تؤثر في حياة اليمنيين تأثيرات متنوعة ومتناقضة، سلبية وإيجابية، وهي وجوه لا يظهر منها للعلن إلا ما يريده أصحابها من الألوان والخطوط والأفعال الجميلة وإلا ما يبهروا به البسطاء والمساكين.
هذه الوجوه البلاستيكية ليست شرا محضا ولا خيرا محضا لكنها في حقيقتها هي خليط وأنواع وأشكال من الصح والخطأ والكوميديا والمأساة والحق والباطل والنزاهة والفساد والشجاعة والجبن والعدل والظلم والانانية والتضحية مع اختلاف غلبة الإيجابية أو السلبية عند هذا الوجه أو ذاك. وهي بمجملها الوجوه التي أثرت في حياة اليمنيين وساهمت في كل البلاء النازل بهم دون ان يعني ذلك أن اليمنيين العامة أبرياء من مسؤولية ما حدث فتلك الوجوه لم تقف إلا على أكتافهم وانتشت بتصفيقهم واهتزت برقصاتهم وارتفعت هاماتها بطبولهم وقصائدهم ودمائهم أيضا.
وجوه بلاستيكية محاولة تاريخية فنية سياسية للغوص في أعماق هذه الوجوه اليمنية واستكشاف ألوانها البيضاء والسوداء والرمادية، وما لها وما عليها، وميزاتها وعيوبها، ونسبة الجن والعفرتة والأنسنة فيها والغرض والهدف هو أن نفهم ما الذي يجري في هذه البلاد فقد طال التعب والحزن بنا ونريد أن نعرف من أين نبدأ من جديد بعد أن طال بنا السير على عير هدى وعلى غير إشارات وعلى غير اتفاق فتخلفنا عن المتخلفين وصرنا في ذيل التخلف والفقر والقهر والمرض والضياع.
ويكفينا هنا أن نرسم البسمة وإثارة الخواطر لو لم نستطع أن نكشف الحقيقة كاملة فبعض هذه الوجوه أعصى من الجن والعفاريت ما ظهر منها وما بطن.
ولأن هذا الموقع من الجن والعفاريت وإليهم كان ضروريا أن نبدأ بالوجه الأول المناسب وهو وجه الجني اليمني فربما لو عرفنا حقيقة علاقتنا معه وعشيرته عرفنا حقيقة الوجوه الأخرى.
