العصيد اليمني.. نحن نحلل الأخبار قبل وقوعها

بما أن هناك من يزعمون أنهم يكتشفون الجرائم قبل التفكير بها وقبل وقوعها ويمنعون حدوثها، فنحن أيضا في موقع يمن عفاريت لدينا القدرات الخرافية لتحليل الأخبار والأحداث قبل وقوعها، وليس مستحيلا أن نمنع وقوع بعض الأحداث بتحليلاتنا المسبقة لها، إذ سيكون لدينا عفاريت متخصصون في فك طلاسم الأحداث وكتابة تحليلات موجهة أو وقائية و”كشف” المخططات والمكائد (أعوذ بالله من كلمة “كشف”)، حتى وإن كان ذلك بأسلوب تهكمي.. ذلك أن كثيرا من السياسيين ما ينفع معهم إلا سوط الكلمات والحروف الساخرة والهزلية، فنحن في بلاد العصيد والربيد، ومعصودة للآخر.
وننوه إلى أننا سنعتمد كثيرا على النظريات التي منشؤها عصيد محلي بحت في تحليل الأحداث والأخبار المحلية، فلا داعي لاستيراد نظريات أجنبية، ونحن لدينا نظريات محلية معصودة (تكفي وتوفي)، مع الإشارة إلى أهمية تشجيع المنتجات المحلية، بدءا من السلتة والفحسة والزربيان والفتة والصيادية والمعصوبة والعصيد والزوم وانتهاء بنظريات التحليل السياسي العفريتي، وسنستخدم تعبيرات محلية بدلا من التعبيرات الشائعة في الإعلام التقليدي.
ومن أهم النظريات المحلية المعصودة والعفريتية للتحليل السياسي: المنتظم حمار المعسكر.. لو كانت شمس كانت أمس.. شبر مع الحكومة ولا ذراع مع القبيلي.. أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب.. قطع الراس ولا قطع المعاش.. الحجر من القاع والدم من رأس القبيلي.. البنت ما لها إلا زوجها أو قبرها.. دهفتني الفرقة.. أمنيات مأرب.. حق ابن هادي.. مشتعملي بو كله جشائب.. يا ليتني في جباكم عصفري.. نظرية “هب له”.. نظرية “حسس جيبك”.. نظرية “اتحركش”.. نظرية “حق القات” .. نظرية “أجرة العسكري”.. نظرية “حق المواصلات”.. نظرية “خلاص على حسابي”.. نظرية “القوطي”.. وغير ذلك من النظريات المحلية العفريتية.
كما ننوه إلى أننا بلد المنجزات والمعجزات بفضل ما لدينا من سياسيين وأحزاب وقيادات مجتمعية وأيديولوجية معصودة لا تفرقها إلا الرواتب وكشوفات المنح الدراسية وتوظيف جميع افراد العائلة والقبيلة، وما عدا ذلك فالجميع أمة عربية واحدة ذات جعجعة خالدة، والنفاق الوطني هو دليل السياسيين النظري إلى الفلوس والمناصب، خصوصا الذين شعارهم أن الأيادي المرتعشة لا تقوى على نهب خزينة الدولة والسلال الغذائية، والمناصب أو الموت، والنهب أساس البناء للقصور والفلل.
وبعد الانقلاب والحرب اصبحت اليمن معصودة أكثر، فهي بلد الحريات المليشاوية والقتالية، والمساواة في الفقر والغلاء والسجون والمليشيات، وعقوق المواطنين للدولة، كما تم ايقاف رواتب الموظفين أسوة ببقية ابناء الشعب لتحقيق العدالة الاجتماعية، وعملا بشعار قديم جدا معلق في خرابة الماركسية يقول ان تخفيض المعاش واجب.. فتم تخفيض المعاش الى النصف وصرفه مرة واحدة في السنة مقسم أرباع كل ثلاث أشهر ربع واحد فقط لا غير.
وبعد ثماني سنوات من الحرب، صار لدينا مقاولة وطنية لخدمة السارق الغربي، ولدينا المفرش الانتقالي، وحزب مهلنيش، وحزب السندباد، وحزب سبعة نفر صار حزب ثلاثة انفار ونصف النفر مع السحاوق، وهناك الحزام الأمني، والنخبة الحنكليشية، وآل الزيت أعلام البلاء ومصابيح الغلاء والشقاء، وحكومة شلني أشلك، وأخيرا المحبس الرئاسي، وهات واعليمي قرطاس عجايب.
وكل هذا ليس غريبا علينا، فنحن في بلاد حاسبه يحاسبك ودينه يهرب، وعين الحسود تبلى بالعمى، وممنوع الدين وكلمة بعدين، والتقدمية اليسارية الاشتراكية الناصرية صارت متحالفة مع الرجعية الإماراتية السعودية البدوية القبلية الملكية الوراثية التي لا تعرف حماس القومية العربية ولا جعجة البروليتاريا، والإسلامية والحاكمية لله صارت راضية في بلاد العلمانية وأتاتورك حامدة شاكرة، والمؤتمرية الشعبية ومالنا إلا علي واللي يرضاها في أرضه يرضاها في عرضه صارت راضية بها قلبا وقالبا في الجزر والموانيء وسقطرة وتناضل مع الذين يفعلوها في أرضهم مرتاحين مبسوطين، وأصحاب القضية الجنوبية تحولوا إلى أصحاب القضية الضبيانية تركوا الجنوب يعتصد عصيد واستقروا هناك آكلين شاربين مفتهنين، وهكذا كل واحد يدبر نفسه، فالمرحلة مرحلة زلط وفلوس وانسحاب تكتيكي وإعادة تموضع، ومن راح فهو “مع ورور”، والأهم في الموضوع كله هو: كيف تصبح فاسدا في خمسة أيام؟ وأخيرا، الحكومة زعلانة.. من هو يراضيها؟ أنا أراضيها، وبالمنح الدراسية أفديها.. وهذا غيض من فيض للقضايا التي سنحللها تباعا عبر موقع يمن عفاريت.